ما يحدث في قطاع غزة الآن شيء خارج عن حدود العقل والاحتمال ، وهو إدانة كاملة للمجتمع الإنساني كله ، الذي يقف الآن يتفرج على تدمير شعب كامل من مليون ونصف المليون مواطن ، من أجل محاربة حكومته المنتخبة وإسقاطها ، وأعتقد بأن ما يحدث وصمت المجتمع الدولي عليه هو تحريض سافر على العنف والإرهاب عن طريق بذر بذور الكراهية والمرارة لدى الفلسطينيين والعرب والمسلمين جميعا ، ما معنى أن يتم فرض حصار على الطعام والمياه وعلى أدوية المستشفيات وخاصة الاحتياجات الحيوية للغاية للأطفال؟ ما معنى تعمد قطع الكهرباء عن قطاع غزة عن طريق وقف إمدادات الوقود الضرورية لتشغيل محطاتها؟ هل يمكن أن يتصور إنسان أن يرى أسرة فلسطينية يموت ابنها أو عائلها المريض أمام عينيها في المستشفى لأن أجهزة الغسيل الكلوي معطلة لانعدام وجود الكهرباء؟ كيف يكون شعور هذه الأسرة وكيف يكون رد فعل أبنائها ؟ وإذا خرج رد الفعل في بعض جوانبه عن أي مستوى من المنطق أو العقل ، وأيا كان مستوى العنف الذي يذهب إليه ، هل يمكن "لإنسان" أن يلومه على ما فعله ؟ هل يمكن تصور مشاعر أم أو أب وطفله يموت في الحضانات أمام عينيه لأن الكهرباء انقطعت وبالتالي فقد أهم سبب لبقائه في الحياة الآن؟ هذه الأم أو هذا الأب ، كيف يكون شعوره أو رد فعله ؟ وقس على ذلك الكثير من المآسي الإنسانية التي تقع في تفاصيل الحياة من جراء هذا الحصار غير الإنساني وغير الأخلاقي ، والعالم يقف متفرجا فقط ، ويطالب الكيان الصهيوني والفلسطينيين معا بالتزام ضبط النفس والبعد عن أسباب العنف ، وكأن حركة حماس نجحت في قطع الكهرباء عن تل أبيب مثلا ، ما هذا المزاح الأوربي والأمريكي الثقيل والسخيف ، فقط عندما تقترب النار من جنبات بلادهم يهرعون للحديث عن مخاطر العنف والإرهاب الوافد من الشرق الأوسط ، وهم الذين يصنعونه بدعمهم السياسي والدبلوماسي والإعلامي المتواصل للكيان الغاصب في عدوانه المستمر وتدميره المنهجي لكل مقومات الحياة عند الفلسطينيين خاصة في قطاع غزة ، أنا أناشد القيادة المصرية أن تبادر بفتح معبر رفح فورا وإصدار القرار الإنساني العاجل بتزويد قطاع غزة بالوقود الضروري لتشغيل الكهرباء وإنقاذ حياة البشر هناك من الموت البطيء ، بل الموت السريع الآن ، وأعتقد أن قرارا مثل هذا لن يجرؤ المجتمع الدولي على رفضه أو إدانته ؛ لأن المجتمع الدولي كله مدان الآن بالفعل ومتهم بالتحريض على القتل وبالتحريض على الإبادة الإنسانية ، إضافة إلى أنه متهم بزرع بذور العنف والإرهاب في كل مكان بسلوكه هذا ، لا يمكن لأي اتفاقية دولية أو إقليمية أو أي قرار أيا كان مصدره أن يبرر هذه الهمجية التي يمارسها الكيان الصهيوني في قطاع غزة ، كما أن الشعوب العربية لا يمكنها أن تتسامح مع المشاركة بالصمت أمام موت إخوانهم في فلسطين ، وعلى السيد عمرو موسى الذي طابت إقامته في ربوع سوريا ولبنان للبحث عن رئيس أن يعود ويدعو بشكل طارئ وزراء الخارجية العرب لاتخاذ قرار جماعي بكسر الحصار على قطاع غزة ، وإرسال رسالة صريحة للمجتمع الدولي : لن نترك مليون ونصف المليون فلسطيني يموتون في غزة.