منذ عام 2005 ، والإساءات للدين الإسلامى باتت أمرا معتادا في الغرب ، حيث ظهرت العنصرية بوجهها القبيح ضد الدين الحنيف في الدنمارك وايطاليا وأمريكا وحتى بابا الفاتيكان نفسه لم يتوان عن الإساءة للإسلام بعد أن غزا قلوب الكثير من الأوروبيين والأمريكيين .
الدنمارك
"الديمقراطية وحرية التعبير" هو الشعار الذى رفعته دولة كالدنمارك لتبرير التطاول على الإسلام وتكرار الإهانات لأشرف خلق الله الرسول الكريم محمد عليه الصلاة والسلام .
وما يضاعف من المرارة والأسى أنه في الوقت الذى لم تراعى فيه تلك الدولة أبسط قواعد الأخلاق حيث تكررت هناك الإساءات للإسلام خلال شهر رمضان ، فإن الحكومات العربية والإسلامية تلتزم الصمت تجاه الإساءات وكأن الأمر لايعنيها في شيء ، ما أدى إلى تمادى تلك الدولة فى السخرية والاستهتار بالإسلام دون مراعاة لاكثر من مليار مسلم يتوزعون على قارات الدنيا.
لقد بدأت تلك الدولة التى لايتجاوز عدد سكانها خمسة ملايين نسمة ، منذ اواخر 2005 حملة شرسة ضد الإسلام لم تكن بمحض الصدفة وإنما أثبتت الوقائع فيما بعد أنها حملة منظمة ومنسقة وتأتى فى إطار العداء المتصاعد في الغرب ضد الإسلام .
ففي 30 سبتمبر 2005 ، نشرت صحيفة "جيلاندز بوستن" الدنماركية 12 رسما كاريكاتيريا تسيء لشخص الرسول الكريم ، من بينها رسم يظهر الرسول الكريم وهو يحمل فيما يبدو قنبلة فى عمامته ويصوره على شكل "إرهابي إسلامي" ، وأعادت صحف أوروبية أخرى نشر تلك الرسوم الساخرة على صفحاتها في يناير 2006 ، ما أدى إلى ثورة غضب عارمة في العالم الإسلامى تعرضت خلالها سفارات دنماركية للحرق كما شهدت حملة مقاطعة واسعة للمنتجات الدنماركية .
وفي 6 أكتوبر 2006 ، عرض التليفزيون الدنماركى خلال شهر رمضان مقاطع من شريط فيديو التقطه أحد الهواة فى أغسطس لمسابقة للرسوم تبارى فيها متسابقون شبان في السخرية من النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ، وذلك خلال معسكر صيفى نظمته قيادة الشباب بحزب الشعب اليميني المتطرف ، المشارك في الائتلاف الحكومى .
وتظهر اللقطات التى عرضها التليفزيون الدنماركى شابا من حزب الشعب يقوم بدور الرسول صلي الله عليه وسلم وهو يضع عمامة ويربط حزاما من المتفجرات علي خصره أمام جمهور يطلق الضحكات ، كما تضمنت اللقطات مشاهد تصور الرسول الكريم في شكل جمل يشرب الخمر.
وكانت آخر الإساءات التى خرجت من الدنمارك ، هو تسويق شركة ألعاب دنماركية في 19 أكتوبر 2006 وخلال شهر رمضان المبارك للعبة "بلاي ستيشن" جديدة تظهر رسول الرحمة على هيئة مجسم بلاستيكي لرجل بلحية يطأ مجسما بلاستيكيا آخر يجسد أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها ، وكتبت الشركة على اللعبة "إلعب وكأنك النبي محمد الذي تزوج أكثر من مرة وتزوج عائشة ابنة الست سنوات".
إيطاليا
فى 8 فبراير 2006 ، دعا وزير إيطالي عضو في حزب رابطة الشمال المعادي للأجانب إلى استخدام القوة ضد المسلمين وتدخل بابا الفاتيكان بنديكتوس السادس عشر لتنظيم حملة صليبية جديدة.
وقال روبرتو كالديرولي وزير الإصلاحات الدستورية لصحيفة لاريبوبليكا إن الوضع خطير وثمة كره جنوني من جانب الشعوب الإسلامية وإنه قد حان الوقت لاتخاذ إجراءات مضادة.
وأضاف الوزير الإيطالي المعروف بحملاته ضد المسلمين: الإسلاميون بدلوا استراتيجيهم، فسابقا كانوا لا يستخدمون إلا الإرهابيين لكنهم الآن يلجأون إلى الحشود. على حد زعمه. وتابع إنهم يهاجمون السفارات ونشهد حاليا تعصبًا جماعيًا، على البابا أن يتدخل على غرار أسلافه في القرنين السادس عشر والسابع عشر.
وذكر الوزير المتطرف بأنه إبان معركتي فيينا وليبانتي ضد الأتراك عامي 1683 و1571 حل البابوات محل الحكومات وشكلوا تحالفات كبيرة للتغلب على الخطر الإسلامي .
وردا على سؤال حول ما إذا كان على البابا بينديكت السادس عشر أن يحمل لواء المسيحية في مواجهة تهديد الإسلام، قال: "نعم وعاجلا" وعبر عن أسفه على زمن مثلت فيه الولايات المتحدة حاجز دفاع عن الغرب ، قائلا :"إنهم يصمتون (الأمريكيون) اليوم مثل الحكومات الأوروبية ويظهرون ضعفا غريبا في قضية الرسوم الكاريكاتورية، ربما بسبب النفط".
الولايات المتحدة
في 9 أغسطس 2006 وتحديدا بعد إعلان بريطانيا عن إحباط مخطط مزعوم لتفجير طائرات مدنية وهى فى طريقها من بريطانيا إلى الولايات المتحدة ، سارع الرئيس الأمريكي جورج بوش إلى القول إن إحباط هذا المخطط يؤكد أن الولايات المتحدة في حالة حرب مع "الإسلاميين الفاشيين" وهو الأمر الذى قوبل بانتقادات عربية وإسلامية لأن الإسلام بسماحته واعتداله بعيد كل البعد عن الحركات الفاشية التى ظهرت في أوروبا ، بداية القرن العشرين والتى قامت على الديكتاتورية والقمع والعنصرية.
وليست المرة الأولى التي يستخدم فيها بوش عبارات تسيء إلى مشاعر المسلمين فقد استخدم بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر عبارة "حرب صليبية" لوصف الحرب التي شنها ضد أفغانستان وفيما بعد ضد العراق .
ولذا فإن وصف بوش المحاولة المزعومة بتفجير طائرات مدنية بريطانية في طريقها إلى الولايات المتحدة، بأنها جزء من الحرب مع "الفاشيين الإسلاميين" يعكس مدى حقد إدارته على الإسلام كدين وعلى أتباعه من منطلق عنصري ديني أصولي متطرف فهو حينما أعلن أنه يخوض "حرباً صليبية ضد الإرهابيين" في أفغانستان انتقاماً لضحايا أحداث الحادي عشر من سبتمبر كان يعني ما يقول تماماً، ولم تكن زلة لسان عابرة.
الفاتيكان
بعد حوالى شهر من إطلاق الرئيس الأمريكى ماأسماه "الفاشية" الإسلامية ، لم يتوان بابا الفاتيكان عن الإساءة للإسلام ، ففى محاضرة ألقاها في جامعة راتيسبون جنوب ألمانيا في 13 سبتمبر 2006 غداة الذكرى الخامسة لأحداث سبتمبر، اتهم البابا بينديكت السادس عشر الإسلام بأنه تم نشره بالسيف وبالجهاد وليس بالعقل وبأنه ديانة لاتشجب بالشدة المطلوبة العنف الذي يمارس باسم الإيمان ، وانتقد مفهوم "الجهاد" في الإسلام وقال إن العنف لا يتوافق مع طبيعة الرب وطبيعة الروح.
وأضاف البابا قائلا :"إن العقيدة المسيحية تقوم على المنطق لكن العقيدة الإسلامية تقوم على أساس أن إرادة الله لا تخضع لمحاكمة العقل أو المنطق لأن الله في العقيدة الإسلامية مطلق السمو ومشيئته ليست مرتبطة بأي من مقولاتنا ولا حتى بالعقل".
أشار إلى أنه يستند في كلامه هذا إلى حوار دار في القرن الرابع عشر بين الامبراطور البيزنطي المسيحي مانويل باليولوجوس الثاني وأحد المثقفين الفارسيين حول حقائق المسيحية والإسلام ، قال الامبراطور خلاله للمثقف :"أرني ما الجديد الذي جاء به محمد. لن تجد إلا أشياء شريرة وغير إنسانية مثل امره بنشر الدين الذي كان يبشر به بحد السيف. إن نشر العقيدة باستخدام العنف يمثل أمرا منافيا للعقل" ، لكن بنيديكت لم يتناول رد عالم الدين الفارسي على اتهامات الامبراطور.
وبعد أن أثارت اتهامات البابا عاصفة سياسية في أوساط العالم الإسلامي ، أصدر الفاتيكان في 16 سبتمبر 2006 بيانا أوضح فيه أن البابا يشعر بالأسف لإساءة فهم تصريحاته وأنه يحترم كل من يؤمن بالعقيدة الإسلامية ، إلا أن هذا لم يكن اعتذارا عن إهانات البابا وإنما مجرد أسف لإساءة فهم تصريحاته لامتصاص الغضبة في العالم الإسلامى .
فتصريحاته مجرد حلقة ضمن تاريخ بابوي حافل بمعاداة الإسلام، حيث أنه قبل مطلع الألفية الميلادية الأولى دعا البابا سلفستروس الثاني إلى شن حرب صليبية ضد الإسلام ونتجت عن ذلك حملة صليبية لم يكتب لها النجاح عام 1001. وفي عهد غريغوريوس السابع (1073-1085) تكررت دعوة البابا بعبارات أشد قسوة لشن حرب صليبية جديدة ضد المسلمين. وفي عهد البابا أوربان الثاني (1088-1099) قام الأخير بجولات في أنحاء أوروبا لحث الشعوب الأوروبية على "انتزاع بيت المقدس من الجنس اللعين الخبيث" ، الأمر الذي يظهر أن الفاتيكان ليس بريئا مما تشهده الساحة العالمية الغربية اليوم من عداء غير مسبوق ضد الإسلام
وخلال 2007 ، أظهرت تقارير صحفية تزايدًا في حالات استفزاز المسلمين في هولندا بصور متعددة، منها دعوة قس كنسي لمنع تلفظ كلمة لا إله إلا الله بدعوي "أنها تستحوذ علي الإله للمسلمين" ، ودعوة جريت فيلدرز عضو البرلمان الهولندي وزعيم حزب الحرية اليميني بمنع تداول القرآن الكريم حتي في المساجد بزعم أنه يحط علي العنف ومعاداة السامية، بالإضافة إلى قيامه بإنتاج فيلم مسي للإسلام يتضمن حرقا وتمزيقا لصفحات من القرآن الكريم .
وهناك أيضا تصريحات فيلدرز العنصرية المتكررة حول أن آيات القرآن تتضمن توجيهات وصوراً بشعة يتبعها المسلمون، وأن تعاليمه هي التي تتسبب الآن في المذابح الدامية التي يشهدها العراق، وتتسبب في التطرف وإهدار حقوق الإنسان ، وهو الأمر الذي دفع الشرطة لحمايته بعد مقتل المخرج ثيو فان جوخ في أمستردام في نوفمبر 2004 طعنا بسكين وذلك بعد إخراجه فيلما يندد بما يراه قمعا للنساء في الدول الإسلامية.
وبجانب وقاحات فيلدرز ، تجرأ الهولندي من أصل إيراني إحسان جامي علي اتهام الرسول الكريم والقرآن بأبشع النعوت بعد أن ارتد عن الإسلام ، واصفا الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه "مثل أسامة بن لادن وأنه مجرم وأن القرآن كتاب عنف وحروب يستوجب التخلي عنه" ، الأمر الذي استفز المسلمين هناك وجعله يحظى بحماية أمنية مستديمة.
هذا بالإضافة إلى حوادث أصبحت معتادة مثل محاولات حرق المساجد، ومعاقبة الطلبة الذين لا يصافحون النساء أو العكس بالحرمان من الدراسة، وغيرها من الحالات التي يعدها المراقبون خطرا على الاستقرار والتعايش في هولندا.
وفي 2008 ، تكررت حملات الإساءة في أكثر من دولة أوروبية ، ففي بريطانيا ، شنت عدة صحف هجمات شرسة على الإسلام والشريعة الإسلامية، على خلفية دعوة الأسقف روان وليامز، رئيس الكنيسة البروتستانتية البريطانية في 8 فبراير للاستعانة بقوانين الأحوال الشخصية، الواردة في الشريعة الإسلامية ، في النظام القضائي البريطاني ، كما رفضت الحكومة البريطانية في فبراير أيضا منح تأشيرة دخول للداعية الإسلامى الشيخ يوسف القرضاوي بحجة دعمه للمقاومة ، رغم أنه كان يهدف للعلاج من وراء الزيارة .
وفي سويسرا، فاز حزب الشعب برئاسة كريستوف بلوشر في الانتخابات العامة الأخيرة لأنه كان يبني حملته الانتخابية على أساس العمل من أجل تغيير الدستور السويسري لمنع بناء مآذن في الجوامع في جميع أنحاء سويسرا.
وفي هولندا ، زادت التصريحات والمقالات التي تتطاول على الرسول - صلى الله عليه وسلم- وزوجاته ، بالإضافة إلى ظهور توجهات قوية للتفريق بين المواطنين الأوروبيين المسلمين، ونظرائهم المسيحيين واليهود، في معاملة التنقل، والمطالبة بفرض تأشيرات دخول على هؤلاء، بحجة أنهم مشاريع إرهابية.
وفي الدنمارك ، أعادت 17 صحيفة في شهر فبراير نشر الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم بحجة التضامن مع صاحبها كورت فسترجورد، الذي زعمت السلطات هناك أنه واجه تهديدات بالقتل، من قبل ثلاثة من المهاجرين المسلمين ، أفرجت فيما بعد عن واحد منهم وقامت بترحيل الاثنين الآخرين من دون توجيه أية تهمة لهما ، أي أنها لم تجد أية أدلة تدينهم، باتهامات التآمر بالقتل ، مايوضح أن السبب الحقيقي للحديث عن مثل هذه المؤامرة المزعومة وإعادة نشر الرسوم المسيئة هو استفزاز المسلمين هناك للخروج بمظاهرات غاضبة تقوم على إثرها السلطات الدنماركية بتمرير قانون مكافحة الإرهاب الجديد الذي يستهدف الجالية المسلمة أساسا.
والتصريحات والتصرفات التي خرجت من هناك في أعقاب إعادة نشر الرسوم المسيئة تؤكد صحة ما سبق ، فقد طالبت بيا كيرسجوورد زعيمة حزب الشعب الدنماركي اليميني المشارك في الائتلاف الحكومي برحيل الشباب المولود في الدنمارك من أصول مهاجرة ، قائلة "ارحلوا إذن إلى بلادكم أو ابحثوا عن بلاد أخرى تستطيعون فيها ممارسة طقوسهم وعباداتهم دون الشعور بضغوط من أوضاع حرية التعبير في الدنمارك . المهاجرون يقابلون المجتمع الدنماركي بعنف وغضب ويكرهون قيم البلاد" .
ولم يقتصر الأمر على هذا ، بل ارتكبت السلطات هناك خطأ آخر فادحا بحق المسلمين لايقل في وقاحته عما أقدمت عليه الصحف ، وذلك عندما أعلنت المكتبة الملكية الدنماركية في 26 فبراير 2008 اعتزامها حفظ وتوثيق الرسومات المسيئة ، معتبرة إياها جزءاً من تاريخ البلاد، حيث نقلت صحفية "الجارديان" البريطانية عن المتحدثة باسم المكتبة الملكية الدنماركية جيتي كجارجارد قولها:"إن الحرص على عرض وتوثيق الرسومات إنما يأتي انطلاقاً من قيمتها التاريخية.. لسنا مهتمين بنشر الرسومات، وإنما يعنينا بالمقام الأول حفظها للأجيال القادمة لأنها أصبحت جزءاً من تاريخ الدنمارك".
وأضافت أن المكتبة الأشهر والأكبر في الدول الإسكندنافية ستحصل على حق ملكية الرسومات نيابة عن متحف فن الكاريكاتير الدنماركي، وذلك لأغراض التوثيق والحفظ، إلا أنها لم تذكر تاريخاً محدداً لاتمام انتقال ملكية الرسوم للمكتبة الملكية التي أنشئت في القرن السابع عشر في عهد الملك فريدريك الثالث.
واختتمت كجارجارد تصريحاتها قائلة إن المكتبة هي المكان الأمثل لحفظ الرسومات، وقالت: "ستكون لدينا في مكانها الطبيعي، حيث تتوفر التدابير الأمنية اللازمة لمعاملتها ككتاب نادر غير متاح للجمهور، وإنما يقتصر على الباحثين اعتماداً على خطابات توصية صادرة من أساتذتهم الجامعيين".
وماسبق يؤكد بما لايدع مجالا للشك أن ما قامت به الصحف الدنماركية هو سلوك مقصود ورسالة صريحة موجهة إلى المسلمين هناك ليغادروا دول الغرب.
الدنمارك
"الديمقراطية وحرية التعبير" هو الشعار الذى رفعته دولة كالدنمارك لتبرير التطاول على الإسلام وتكرار الإهانات لأشرف خلق الله الرسول الكريم محمد عليه الصلاة والسلام .
وما يضاعف من المرارة والأسى أنه في الوقت الذى لم تراعى فيه تلك الدولة أبسط قواعد الأخلاق حيث تكررت هناك الإساءات للإسلام خلال شهر رمضان ، فإن الحكومات العربية والإسلامية تلتزم الصمت تجاه الإساءات وكأن الأمر لايعنيها في شيء ، ما أدى إلى تمادى تلك الدولة فى السخرية والاستهتار بالإسلام دون مراعاة لاكثر من مليار مسلم يتوزعون على قارات الدنيا.
لقد بدأت تلك الدولة التى لايتجاوز عدد سكانها خمسة ملايين نسمة ، منذ اواخر 2005 حملة شرسة ضد الإسلام لم تكن بمحض الصدفة وإنما أثبتت الوقائع فيما بعد أنها حملة منظمة ومنسقة وتأتى فى إطار العداء المتصاعد في الغرب ضد الإسلام .
ففي 30 سبتمبر 2005 ، نشرت صحيفة "جيلاندز بوستن" الدنماركية 12 رسما كاريكاتيريا تسيء لشخص الرسول الكريم ، من بينها رسم يظهر الرسول الكريم وهو يحمل فيما يبدو قنبلة فى عمامته ويصوره على شكل "إرهابي إسلامي" ، وأعادت صحف أوروبية أخرى نشر تلك الرسوم الساخرة على صفحاتها في يناير 2006 ، ما أدى إلى ثورة غضب عارمة في العالم الإسلامى تعرضت خلالها سفارات دنماركية للحرق كما شهدت حملة مقاطعة واسعة للمنتجات الدنماركية .
وفي 6 أكتوبر 2006 ، عرض التليفزيون الدنماركى خلال شهر رمضان مقاطع من شريط فيديو التقطه أحد الهواة فى أغسطس لمسابقة للرسوم تبارى فيها متسابقون شبان في السخرية من النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ، وذلك خلال معسكر صيفى نظمته قيادة الشباب بحزب الشعب اليميني المتطرف ، المشارك في الائتلاف الحكومى .
وتظهر اللقطات التى عرضها التليفزيون الدنماركى شابا من حزب الشعب يقوم بدور الرسول صلي الله عليه وسلم وهو يضع عمامة ويربط حزاما من المتفجرات علي خصره أمام جمهور يطلق الضحكات ، كما تضمنت اللقطات مشاهد تصور الرسول الكريم في شكل جمل يشرب الخمر.
وكانت آخر الإساءات التى خرجت من الدنمارك ، هو تسويق شركة ألعاب دنماركية في 19 أكتوبر 2006 وخلال شهر رمضان المبارك للعبة "بلاي ستيشن" جديدة تظهر رسول الرحمة على هيئة مجسم بلاستيكي لرجل بلحية يطأ مجسما بلاستيكيا آخر يجسد أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها ، وكتبت الشركة على اللعبة "إلعب وكأنك النبي محمد الذي تزوج أكثر من مرة وتزوج عائشة ابنة الست سنوات".
إيطاليا
فى 8 فبراير 2006 ، دعا وزير إيطالي عضو في حزب رابطة الشمال المعادي للأجانب إلى استخدام القوة ضد المسلمين وتدخل بابا الفاتيكان بنديكتوس السادس عشر لتنظيم حملة صليبية جديدة.
وقال روبرتو كالديرولي وزير الإصلاحات الدستورية لصحيفة لاريبوبليكا إن الوضع خطير وثمة كره جنوني من جانب الشعوب الإسلامية وإنه قد حان الوقت لاتخاذ إجراءات مضادة.
وأضاف الوزير الإيطالي المعروف بحملاته ضد المسلمين: الإسلاميون بدلوا استراتيجيهم، فسابقا كانوا لا يستخدمون إلا الإرهابيين لكنهم الآن يلجأون إلى الحشود. على حد زعمه. وتابع إنهم يهاجمون السفارات ونشهد حاليا تعصبًا جماعيًا، على البابا أن يتدخل على غرار أسلافه في القرنين السادس عشر والسابع عشر.
وذكر الوزير المتطرف بأنه إبان معركتي فيينا وليبانتي ضد الأتراك عامي 1683 و1571 حل البابوات محل الحكومات وشكلوا تحالفات كبيرة للتغلب على الخطر الإسلامي .
وردا على سؤال حول ما إذا كان على البابا بينديكت السادس عشر أن يحمل لواء المسيحية في مواجهة تهديد الإسلام، قال: "نعم وعاجلا" وعبر عن أسفه على زمن مثلت فيه الولايات المتحدة حاجز دفاع عن الغرب ، قائلا :"إنهم يصمتون (الأمريكيون) اليوم مثل الحكومات الأوروبية ويظهرون ضعفا غريبا في قضية الرسوم الكاريكاتورية، ربما بسبب النفط".
الولايات المتحدة
في 9 أغسطس 2006 وتحديدا بعد إعلان بريطانيا عن إحباط مخطط مزعوم لتفجير طائرات مدنية وهى فى طريقها من بريطانيا إلى الولايات المتحدة ، سارع الرئيس الأمريكي جورج بوش إلى القول إن إحباط هذا المخطط يؤكد أن الولايات المتحدة في حالة حرب مع "الإسلاميين الفاشيين" وهو الأمر الذى قوبل بانتقادات عربية وإسلامية لأن الإسلام بسماحته واعتداله بعيد كل البعد عن الحركات الفاشية التى ظهرت في أوروبا ، بداية القرن العشرين والتى قامت على الديكتاتورية والقمع والعنصرية.
وليست المرة الأولى التي يستخدم فيها بوش عبارات تسيء إلى مشاعر المسلمين فقد استخدم بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر عبارة "حرب صليبية" لوصف الحرب التي شنها ضد أفغانستان وفيما بعد ضد العراق .
ولذا فإن وصف بوش المحاولة المزعومة بتفجير طائرات مدنية بريطانية في طريقها إلى الولايات المتحدة، بأنها جزء من الحرب مع "الفاشيين الإسلاميين" يعكس مدى حقد إدارته على الإسلام كدين وعلى أتباعه من منطلق عنصري ديني أصولي متطرف فهو حينما أعلن أنه يخوض "حرباً صليبية ضد الإرهابيين" في أفغانستان انتقاماً لضحايا أحداث الحادي عشر من سبتمبر كان يعني ما يقول تماماً، ولم تكن زلة لسان عابرة.
الفاتيكان
بعد حوالى شهر من إطلاق الرئيس الأمريكى ماأسماه "الفاشية" الإسلامية ، لم يتوان بابا الفاتيكان عن الإساءة للإسلام ، ففى محاضرة ألقاها في جامعة راتيسبون جنوب ألمانيا في 13 سبتمبر 2006 غداة الذكرى الخامسة لأحداث سبتمبر، اتهم البابا بينديكت السادس عشر الإسلام بأنه تم نشره بالسيف وبالجهاد وليس بالعقل وبأنه ديانة لاتشجب بالشدة المطلوبة العنف الذي يمارس باسم الإيمان ، وانتقد مفهوم "الجهاد" في الإسلام وقال إن العنف لا يتوافق مع طبيعة الرب وطبيعة الروح.
وأضاف البابا قائلا :"إن العقيدة المسيحية تقوم على المنطق لكن العقيدة الإسلامية تقوم على أساس أن إرادة الله لا تخضع لمحاكمة العقل أو المنطق لأن الله في العقيدة الإسلامية مطلق السمو ومشيئته ليست مرتبطة بأي من مقولاتنا ولا حتى بالعقل".
أشار إلى أنه يستند في كلامه هذا إلى حوار دار في القرن الرابع عشر بين الامبراطور البيزنطي المسيحي مانويل باليولوجوس الثاني وأحد المثقفين الفارسيين حول حقائق المسيحية والإسلام ، قال الامبراطور خلاله للمثقف :"أرني ما الجديد الذي جاء به محمد. لن تجد إلا أشياء شريرة وغير إنسانية مثل امره بنشر الدين الذي كان يبشر به بحد السيف. إن نشر العقيدة باستخدام العنف يمثل أمرا منافيا للعقل" ، لكن بنيديكت لم يتناول رد عالم الدين الفارسي على اتهامات الامبراطور.
وبعد أن أثارت اتهامات البابا عاصفة سياسية في أوساط العالم الإسلامي ، أصدر الفاتيكان في 16 سبتمبر 2006 بيانا أوضح فيه أن البابا يشعر بالأسف لإساءة فهم تصريحاته وأنه يحترم كل من يؤمن بالعقيدة الإسلامية ، إلا أن هذا لم يكن اعتذارا عن إهانات البابا وإنما مجرد أسف لإساءة فهم تصريحاته لامتصاص الغضبة في العالم الإسلامى .
فتصريحاته مجرد حلقة ضمن تاريخ بابوي حافل بمعاداة الإسلام، حيث أنه قبل مطلع الألفية الميلادية الأولى دعا البابا سلفستروس الثاني إلى شن حرب صليبية ضد الإسلام ونتجت عن ذلك حملة صليبية لم يكتب لها النجاح عام 1001. وفي عهد غريغوريوس السابع (1073-1085) تكررت دعوة البابا بعبارات أشد قسوة لشن حرب صليبية جديدة ضد المسلمين. وفي عهد البابا أوربان الثاني (1088-1099) قام الأخير بجولات في أنحاء أوروبا لحث الشعوب الأوروبية على "انتزاع بيت المقدس من الجنس اللعين الخبيث" ، الأمر الذي يظهر أن الفاتيكان ليس بريئا مما تشهده الساحة العالمية الغربية اليوم من عداء غير مسبوق ضد الإسلام
وخلال 2007 ، أظهرت تقارير صحفية تزايدًا في حالات استفزاز المسلمين في هولندا بصور متعددة، منها دعوة قس كنسي لمنع تلفظ كلمة لا إله إلا الله بدعوي "أنها تستحوذ علي الإله للمسلمين" ، ودعوة جريت فيلدرز عضو البرلمان الهولندي وزعيم حزب الحرية اليميني بمنع تداول القرآن الكريم حتي في المساجد بزعم أنه يحط علي العنف ومعاداة السامية، بالإضافة إلى قيامه بإنتاج فيلم مسي للإسلام يتضمن حرقا وتمزيقا لصفحات من القرآن الكريم .
وهناك أيضا تصريحات فيلدرز العنصرية المتكررة حول أن آيات القرآن تتضمن توجيهات وصوراً بشعة يتبعها المسلمون، وأن تعاليمه هي التي تتسبب الآن في المذابح الدامية التي يشهدها العراق، وتتسبب في التطرف وإهدار حقوق الإنسان ، وهو الأمر الذي دفع الشرطة لحمايته بعد مقتل المخرج ثيو فان جوخ في أمستردام في نوفمبر 2004 طعنا بسكين وذلك بعد إخراجه فيلما يندد بما يراه قمعا للنساء في الدول الإسلامية.
وبجانب وقاحات فيلدرز ، تجرأ الهولندي من أصل إيراني إحسان جامي علي اتهام الرسول الكريم والقرآن بأبشع النعوت بعد أن ارتد عن الإسلام ، واصفا الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه "مثل أسامة بن لادن وأنه مجرم وأن القرآن كتاب عنف وحروب يستوجب التخلي عنه" ، الأمر الذي استفز المسلمين هناك وجعله يحظى بحماية أمنية مستديمة.
هذا بالإضافة إلى حوادث أصبحت معتادة مثل محاولات حرق المساجد، ومعاقبة الطلبة الذين لا يصافحون النساء أو العكس بالحرمان من الدراسة، وغيرها من الحالات التي يعدها المراقبون خطرا على الاستقرار والتعايش في هولندا.
وفي 2008 ، تكررت حملات الإساءة في أكثر من دولة أوروبية ، ففي بريطانيا ، شنت عدة صحف هجمات شرسة على الإسلام والشريعة الإسلامية، على خلفية دعوة الأسقف روان وليامز، رئيس الكنيسة البروتستانتية البريطانية في 8 فبراير للاستعانة بقوانين الأحوال الشخصية، الواردة في الشريعة الإسلامية ، في النظام القضائي البريطاني ، كما رفضت الحكومة البريطانية في فبراير أيضا منح تأشيرة دخول للداعية الإسلامى الشيخ يوسف القرضاوي بحجة دعمه للمقاومة ، رغم أنه كان يهدف للعلاج من وراء الزيارة .
وفي سويسرا، فاز حزب الشعب برئاسة كريستوف بلوشر في الانتخابات العامة الأخيرة لأنه كان يبني حملته الانتخابية على أساس العمل من أجل تغيير الدستور السويسري لمنع بناء مآذن في الجوامع في جميع أنحاء سويسرا.
وفي هولندا ، زادت التصريحات والمقالات التي تتطاول على الرسول - صلى الله عليه وسلم- وزوجاته ، بالإضافة إلى ظهور توجهات قوية للتفريق بين المواطنين الأوروبيين المسلمين، ونظرائهم المسيحيين واليهود، في معاملة التنقل، والمطالبة بفرض تأشيرات دخول على هؤلاء، بحجة أنهم مشاريع إرهابية.
وفي الدنمارك ، أعادت 17 صحيفة في شهر فبراير نشر الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم بحجة التضامن مع صاحبها كورت فسترجورد، الذي زعمت السلطات هناك أنه واجه تهديدات بالقتل، من قبل ثلاثة من المهاجرين المسلمين ، أفرجت فيما بعد عن واحد منهم وقامت بترحيل الاثنين الآخرين من دون توجيه أية تهمة لهما ، أي أنها لم تجد أية أدلة تدينهم، باتهامات التآمر بالقتل ، مايوضح أن السبب الحقيقي للحديث عن مثل هذه المؤامرة المزعومة وإعادة نشر الرسوم المسيئة هو استفزاز المسلمين هناك للخروج بمظاهرات غاضبة تقوم على إثرها السلطات الدنماركية بتمرير قانون مكافحة الإرهاب الجديد الذي يستهدف الجالية المسلمة أساسا.
والتصريحات والتصرفات التي خرجت من هناك في أعقاب إعادة نشر الرسوم المسيئة تؤكد صحة ما سبق ، فقد طالبت بيا كيرسجوورد زعيمة حزب الشعب الدنماركي اليميني المشارك في الائتلاف الحكومي برحيل الشباب المولود في الدنمارك من أصول مهاجرة ، قائلة "ارحلوا إذن إلى بلادكم أو ابحثوا عن بلاد أخرى تستطيعون فيها ممارسة طقوسهم وعباداتهم دون الشعور بضغوط من أوضاع حرية التعبير في الدنمارك . المهاجرون يقابلون المجتمع الدنماركي بعنف وغضب ويكرهون قيم البلاد" .
ولم يقتصر الأمر على هذا ، بل ارتكبت السلطات هناك خطأ آخر فادحا بحق المسلمين لايقل في وقاحته عما أقدمت عليه الصحف ، وذلك عندما أعلنت المكتبة الملكية الدنماركية في 26 فبراير 2008 اعتزامها حفظ وتوثيق الرسومات المسيئة ، معتبرة إياها جزءاً من تاريخ البلاد، حيث نقلت صحفية "الجارديان" البريطانية عن المتحدثة باسم المكتبة الملكية الدنماركية جيتي كجارجارد قولها:"إن الحرص على عرض وتوثيق الرسومات إنما يأتي انطلاقاً من قيمتها التاريخية.. لسنا مهتمين بنشر الرسومات، وإنما يعنينا بالمقام الأول حفظها للأجيال القادمة لأنها أصبحت جزءاً من تاريخ الدنمارك".
وأضافت أن المكتبة الأشهر والأكبر في الدول الإسكندنافية ستحصل على حق ملكية الرسومات نيابة عن متحف فن الكاريكاتير الدنماركي، وذلك لأغراض التوثيق والحفظ، إلا أنها لم تذكر تاريخاً محدداً لاتمام انتقال ملكية الرسوم للمكتبة الملكية التي أنشئت في القرن السابع عشر في عهد الملك فريدريك الثالث.
واختتمت كجارجارد تصريحاتها قائلة إن المكتبة هي المكان الأمثل لحفظ الرسومات، وقالت: "ستكون لدينا في مكانها الطبيعي، حيث تتوفر التدابير الأمنية اللازمة لمعاملتها ككتاب نادر غير متاح للجمهور، وإنما يقتصر على الباحثين اعتماداً على خطابات توصية صادرة من أساتذتهم الجامعيين".
وماسبق يؤكد بما لايدع مجالا للشك أن ما قامت به الصحف الدنماركية هو سلوك مقصود ورسالة صريحة موجهة إلى المسلمين هناك ليغادروا دول الغرب.