السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الــرســول الـــزوج
عذرا على الإطالة ، ولكن الموضوع مهم ويستحق من وقتنا القليل
سنتكلم اليوم عن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ماذا كان يفعل في بيته لأن قمة الكمال البشري أيها الإخوة هو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، كمال العقل وكمال الأخلاق وكمال الأدب وكمال حسن السياسة وكمال كل شيء في سيدنا محمد . يقول الله تعالى : ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ) [الأحزاب:21] . يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى قالوا : ومن يأبى يا رسول الله: قال من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى ) [ البخاري ] . ويقول الله تعالى أيضا : ( قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) [آل عمران:31].
يتصف رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أهل بيته بعشر صفات ، يجب على كلٍ منّا أن يتصف بهذه الصفات العشر ، وهي :
أولاً : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجاً يحب زوجته ويخبرها بذلك.
عن عمرو بن العاص أنه قال : يا رسول الله من أحب الناس إليك ؟ قال: (( عائشة )) قال من الرجال ؟ قال: (( أبوها )) [الترمذي] . ويدعو النبي صلى الله عليه وسلم ويقول مرةً : (( الحمد لله الذي رزقني حب عائشة)) . ومرةً قالت زوجات النبي صلى الله عليه وسلم للسيدة فاطمة : يا فاطمة لو كلمت أبيك في بنت أبي قحافة – عائشة - ، فذهبت فاطمة فكلمت النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال لها رسول الله : ألست تحبين ما أحب ؟ فقالت بلى ، فقال لها : فأحبيها فإنها حبيبة أبيكِ.
أيها الإخوة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجاً يحب زوجته ويخبرها بذلك ، فالنساء بطبعهن يحببن الكلام الجميل ، لأن الله تعالى وضع فيهن العاطفة الحساسة
ثانياً : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلاطف زوجته ويمازحها.
سُئلت السيدة عائشة كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في البيت فقالت: ” كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحاكاً وبساماً ”. ضحاكاً: صيغة مبالغة على وزن فعال ، كثير الضحك والابتسام في البيت.
أما بعض الرجال فيكون في الطريق ضحاكاً بساماً ، أما في البيت فيكون عبوساً قمطريرا ، ويقول أن الرجولة تقتضي ذلك ، وهذا مخالف لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
قصة سباق النبي صلى الله عليه وسلم مع السيدة عائشة:
كانت السيدة عائشة في سفرٍ مع النبي صلى الله عليه وسلم ، حيث كان النبي إذا سافر أقرع بين نسائه لتخرج إحدى نسائه معه ، فعندما أقرع خرجت قرعة السيدة عائشة ، والسيدة عائشة صغيرة . وفي الطريق قال النبي لأصحابه تقدموا ، وبقي مع زوجته عائشة ، وقال : يا عائشة تسابقينني؟ وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت : نعم ، فتسابقا فسبَقته.
أيها الإخوة الحياة بسيطةٌ جداً ، أنت تستطيع أن تبني سعادة كبيرة في بيتك بكلمة بسيطة ، بموقف جيد ، بمباسطة معينة تريح بها أهل بيتك .
قالت : فلما كان بعد حين واكتنزت اللحم – أي بعد شهر أو اثنين وقد سمنت السيدة عائشة - ، قال صلى الله عليه وسلم : يا عائشة تسابقينني ؟ فقالت نعم ، فسابقني فسبقني . فقال لي يا عائشة هذه بتلك . أي يمازحها ويباسطها.
وهذا أمرٌ مهم فعلينا أن نفصل بين أعمالنا خارج البيت ، وعملنا داخل البيت ، فمن الممكن أن تكون خارج البيت طبيب ، ولكنك داخل البيت أنت زوج ، ومن الممكن أن تكون خارج البيت مدير عام ، أو ضابط ، ولكنك داخل البيت أنت زوج ، فإذا حملت عملك إلى داخل البيت ، فقد أفسدت داخل البيت ، فالزوجة تحتاج إلى ممازحة وتحتاج إلى مباسطة وتحتاج إلى ملاطفة.
وكانت السيدة عائشة تقول : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أفكه الناس أي يوجد عنده ممازحة .
ثالثاً : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجاً يعين زوجته .
يساعدها إذا تزاحمت عليها المهمات ، وليس صحيحاً أن الرجل لا يعمل في البيت ، فسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم هو أفضل الرجال .
تقول السيدة عائشة رضي الله عنها: عن النبي صلى الله عليه وسلم ” كان في مهنة عياله، كان يخيط ثوبه ويخصف نعله ويرقع دلوه ويفلي ثوبه – يرفع الأوساخ الظاهرة من ثوبه - ويحلب شاته ويخدم نفسه ويصنع ما يصنع الرجال في بيوتهم فإذا حضرت الصلاة قام إلى الصلاة”.
النبي صلى الله عليه وسلم كان زوجاً يعين زوجته.
رابعاً : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجاً وفياً مع زوجته.
تذكرون أن السيدة خديجة رضي الله عنها ، وقفت بجانب النبي صلى الله عليه وسلم في سنوات الدعوة الأولى ، واسته بمالها ، وعندما كذبه الناس كانت تكون معه وتسانده.
فلما ماتت خديجة رضي الله عنها كان رسول الله يكثر من ذكرها بالخير .
ومرةً غارت السيدة عائشة منها ، ومع أن السيدة عائشة لم تجتمع مع السيدة خديجة ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتزوج مع السيدة خديجة أية امرأة معها وهي حية ، وعندما توفيت تزوج عدة نساء .
تقول السيدة عائشة : ” ما غرت على امرأة ما غرت على خديجة ”.
خامساً: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجاً يحترم زوجته.
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ما أكرم النساء إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم )) تاريخ ابن عساكر.
إهانة الزوجة هذا لؤمٌ في الزوج ، وإكرام الزوجة هذا كرمٌ في الزوج، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يحترم زوجاته.
هناك قول يرد على ألسنة العامة وهو : " شاوروهن وخالفوهن " ، وهو ليس بحديث وهو كلام مكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم ، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يشاور زوجاته ، بل إن زوجةً من زوجات النبي صلى الله عليه وسلم حلت مشكلةً لكل المسلمين ، وهي أم سلمة.
ففي صلح الحديبية ، النبي صلى الله عليه وسلم كان ذاهباً إلى العمرة مع أصحابه ، فالمشركون منعوهم ، وأجروا مع النبي صلى الله عليه وسلم صلحاً ومن بنود هذا الصلح ، أنه في هذا العام يرجع النبي عن مكة ولا يحج ولا يعتمر ، والصحابة كانوا مهيئين أنفسهم للعمرة ولدخول مكة ، وعندما أجرى النبي صلى الله عليه وسلم الصلح مع المشركين ، أمرهم بالرجوع ، فقالوا : يا رسول الله ألم تقل لنا أنك رأيت في المنام أننا ندخل الحرم محلقين رؤوسنا ومقصرين فكيف تقول لنا ارجعوا ؟ وسأل سيدنا عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك ، فقال له رسول الله : نعم يا عمر ، إني رأيت ذلك ، ولكن لم أقل لكم أننا سندخل هذا العام ، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بفك الإحرام ، وحلق شعورهم وذبح الهدي ، فما استجاب الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا أمرٌ كبير إذا أمر النبي بأمرٍ ولم تستجب الأمة فهناك أمر خطير.
أشارت السيدة أم سلمة على رسول الله بأن لا يكلم أحداً من الصحابة ، ويدخل خيمته ويحلق رأسه ويتحلل ، فلمّا رأى الصحابة الكرام فعله صلى الله عليه وسلم ، لم يكن بوسعهم إلا أن يقلدوه في فعله صلى الله عليه وسلم ، وهكذا نجا المسلمون من عصيانهم لأمر رسول الله بفضل رأي ومشورة السيدة أم سلمة رضوان الله تعالى عنهم أجمعين.
إذاً رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجٌ يشاور زوجاته الطاهرات
سادساً : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجاً يتجمل لزوجته.
وهذا أمرٌ مطلوب في البشر.
تقول السيدة عائشة : ((كانت كف رسول الله ألين من الحرير ، يصافح المصافح فيظل يومه يجد ريحها )).
ويقول سيدنا عبد الله بن عباس : إني لأتزين لامرأتي كما أحب أن تتزين لي..
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستن بالسواك أول ما يدخل البيت
سابعاً : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجاً يعلِّم زوجته.
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجاً يعلِّم زوجاته أمور دينهن ويفقهن في الدين ، ويحرص على تعليمهن وتفقيههن.
فيجب على كل زوج مسلم أن يحرص على تعليم زوجته وتثقيفها ، وتعليمها ما ينفعها في دنياها وآخرتها ، وأن لا يسخر منها أو من معلوماتها أو نقاشها ، وأن لا يسفهها و يقلل من مقدارها – خصوصا أمام الناس - ، بل مناقشتها في علمها وإدارة النقاش معها ، ليعزز الرجل في زوجته ثقتها بنفسها ، وحتى يتبين مدى محبة زوجها لها ، وحرصه على أن تكون من أفضل النساء.
ثامناً : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحلُمُ عن زوجته.
لأن الحياة الزوجية بحاجة إلى هدوء في البال ، ويجب أن تأخذ معك ممحاة إلى الزواج لكي تمحي بها الأخطاء . لأن الزوجات لسن كاملات ، والأزواج كذلك ، فلا تطلب من زوجتك أن تكون السيدة فاطمة رضوان الله عليها ، لأنك لست سيدنا علياً كرم الله وجهه.
تاسعاً : ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأةً قط.
عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت : " ما ضرب رسول الله شيئًا قط بيده ولا امرأة ولا خادمًا إلا أن يجاهد في سبيل الله " رواه مالك والشيخان وأبو داود.
عاشراً : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعدلُ بين زوجاته.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهله”.
والحمد لله رب العالمين